رسالة لمجتمع TINAU
لمجتمع "هون مش فصحى"،
كالكثيرين منكم، أمضي الأيام الصعبة هذه بمواجهة الأهوال، القتل الجماعي للأبرياء، الدماء والرعب السائد في كل مكان، ومواجهة تضييق المساحات النقدية اليسارية في المجتمعات التي نعيش بها، ومواجهة غيوم الأخبار الكاذبة والاختزال السياسي، وفي مواجهة الفصل والخطاب القومي. في ظل كل هذا، ظلّت مدرسة "هون مش فصحى" ثابتةً لأكثر من 10 أعوام على موقف تعليمي إنساني ونقدي والذي نحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى.
في عماد هذا الموقف التربوي يتربع الاعتراف بالإنسان كموضوع، وبالإنسان كعالم كامل. ومن هنا، وضع معلمونا ومعلماتنا لأنفسهم هدف إنشاء مساحات تعليمية تقوم على قيم المساواة والحرية والعدالة والتسامح والاحترام الكامل والمستمر للحقوق - سواء كانت حقوقًا إنسانية أو حقوق مدنية أو مجتمعية أو نوعية.
باعتقادنا، فإن التعليم كرسالة يحمل بطياته تعليم العطف للوقوف في وجه أي ظلم، وتحمل المسؤولية الإنسانية، والسعي المستمر من أجل حياة عادلة في سلام. وفي الوقت نفسه، وفي مواجهة التحديات الفريدة لحياتنا المعاصرة، والتي تمر دائمًا عبر الهاتف الذكي وشبكات التواصل الاجتماعي، فإننا نفخر باحتلالنا مكانة تعليمية ترفع الأساس الفكري ومحو الأمية في مواجهة إعصار الأخبار. نحن نعلّم المشاركين كيفية السعي نحو الحقيقة، وكيفية التمييز بين ما نود أن يكون حقيقيًا، ما نخاف أن يكون حقيقيًا، وما تشير إليه الحقائق، كما يمكننا فهمها، كونه حقيقيًا. ولكل هذا نضيف مطالبنا بالسعي لمعرفة البنية والقوى والمبادئ والقوانين التي تعمل في مجتمعنا ونطالب بنظام جديد. وهذا هو موقفنا التعليمي.
إن التعليم الإنساني النقدي في فترة الاحتلال والفصل العنصري والحرب، وخاصة تلك التي نعيشها، بعد وأثناء المجازر التي لا أجد كلمات في المعجم لوصفها، مهمة صعبة. لكن دور التعليم المستنير يتطلب ذلك. وهذا حُكم ساعتنا.
أعود إلى بورديو الذي قال إن اللغة ليست مجرد أداة فارغة لنقل المعلومات، ولكنها وسيلة مليئة بالمعنى في حد ذاتها، تستخدم لإنشاء والحفاظ على الهياكل الاجتماعية التي تم استيعابها. تؤثر اللغة، في هذا الفسحة من الأرض - العبرية والعربية - على طريقة تفكيرنا، وتحدد الواقع وتشكّل أداة هوياتية مركزية. ومن هنا، فإن اللغة هي أداة سياسية بالدرجة الأولى، واستخدامها سياسي.
كل صراع وكل صلاح أمور يتم عبر اللغة، من خلال اللغة، وداخل اللغة. إن معرفة العبرية والعربية في إسرائيل وفلسطين شرط مهم للمشاركة الفعالة في النضالات المحلية ولخلق تحالفات سياسية عميقة. من المهم أن نتذكر أن الإجراءات الأكثر أهمية وجذرية التي يمكننا اتخاذها هي ضمّ النضالات وخلق التضامن بين الأشخاص، وخلق مقاومة نشطة للظلم، والتعبير عن التعاطف والقدرة على الاستماع، وخلق مساحة تمكن الناشطين من الانغماس مع بعضهم البعض في تناغم ولغة مشتركة. هذه الإجراءات هي مقاومة نشطة للفصل والهياكل الاجتماعية القائمة، وهي الأساس الذي يمكننا أن نطلب من خلاله نظامًا اجتماعيًا جديدًا.
قاوموا! عارضوا الفصل العنصري، ارفضوا قتل المدنيين، عارضوا الحرب! تعلموا اللغة معنا من منظور إنساني نقدي ومن أجل المطالبة بالتغيير. ساعدونا على الاستمرار في هذا الوقت المظلم. لسوء الحظ، وبسبب الأحداث الرهيبة، اضطر العديد من الطلاب إلى إلغاء مشاركتهم في الدروس الحالية، بينما نقف نحن في لحظة حاسمة من النمو والتطور. إن كنتم توافقون مواقفنا، إن كنتم تريدون رؤية المزيد من "هون مش فصحى"، فسيسرنا تبرعكم لجمعيتنا التعاونية، أو التسجيل مسبقًا في دورات اللغة العربية والعبرية المقررة للفصل الدراسي القادم. أو حتى بمساعدتكم ايانا الوصول إلى جماهير إضافية. كما ندعوكم أيضًا للانضمام إلى جمعيتنا التعاونية، أو مشاركتنا والانضمام إلينا بما يناسبكم.
سأبذل كل ما في وسعي للحفاظ على هذه المساحة والبدائل التي توفرها في هذه الأيام المضطربة وفي كل وقت آخر.
على أمل أن نحظى بأيام أفضل قريبًا،
نوعا فريمان
